• نقطة تعادل الميزانية السعودية تتحقق عند 50 دولارا للنفط

    10/01/2009

    ترجيحات ببقاء الاقتصاد السعودي ثابتا عند مستوياته خلال الأزمة المالية 
    اعتبر تقرير اقتصادي حديث أن الميزانية السعودية ستحقق نقطة التعادل بين الإيرادات المقدرة والمصروفات للعام الجاري 2009 عند 50 دولارا لبرميل النفط. وقدرت السعودية الإيرادات عند 410 مليارات ريال, والإنفاق عند 475 مليار ريال، أي افترضت عجزا قدره 65 مليار ريال، ويعتقد أنها بنيت على أسعار للنفط عند 40 دولارا للبرميل.
    وقال التقرير الصادر عن "المركز" – شركة مالية كويتية – إن نقطة التعادل تتحقق في بقية دول مجلس التعاون عند 55 دولارا للنفط. وأكد التقرير أن أداء الاقتصاد السعودي كان قويا جدا خلال الأعوام الماضية، حيث استفادت المملكة من الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط خلال تلك الفترة، ويتوقع أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 1.7 تريليون ريال.
    في الوقت ذاته، توقع بنك جولدمان ساكس الأمريكي أن يسجل الاقتصاد السعودي نموا نسبته 2 في المائة هذا العام رغم أزمة الانقباض الائتماني التي أضرت بنمو اقتصادات كبريات الدول الغربية. وقال: نتوقع أن ينمو الاقتصاد السعودي بمعدل يراوح بين 1.5 و2 في المائة في عام 2009، بعد أن كان 4.5 في المائة في عام 2008، ولكنه معدل لا بأس به في ظل الظروف العالمية الحالية.
    في مايلي مزيداً من التفاصيل:
    كان أداء الاقتصاد السعودي قويا جدا خلال الأعوام الماضية، حيث استفادت المملكة من الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط خلال تلك الفترة، ويتوقع أن يبلغ حجم الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 1.7 تريليون ريال.
    أما بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي الفعلي (الذي تجاوز 3.1 في المائة خلال العامين الماضيين)، فمن المتوقع أن يبلغ 4.2 في المائة، كما أن من المتوقع أن يبلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي 22.0 في المائة في عام 2008. لا تزال المملكة ذات الثروة النفطية الهائلة، ملتزمة بتنويع اقتصادها في وقت تبدو فيه فرص النمو قوية بوجود برنامج استثمار في القطاعات العامة والنفطية تزيد قيمته على 400 مليار دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة. تملك المملكة ما يزيد على 20 في المائة من الاحتياطي العالمي من النفط وما يزيد على 10 في المائة من الاحتياطي العالمي من الغاز، وهي القوة الاقتصادية الكبرى في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، الأمر الذي سيعزز مكانتها في مرحلة ما بعد تحقيق الاتحاد الاقتصادي الكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي.
    بيئة الاقتصاد العالمي
    عام 2008 كان تاريخيا، تغيرت خلاله بيئة الاقتصاد العالمي بشكل كبير من بدايته إلى نهايته، ولذلك فقد كان له أثر بالغ في التوقعات بشأن الاقتصاد العالمي ككل. في تقرير لمؤسسة التمويل الدولي والبنك الدولي لعام 2009 حول سهولة ممارسة الأعمال، حلّت السعودية في المرتبة 16 بين 181 دولة التي شملها التقرير. وجاءت في المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتشير تقديرات أولية إلى أن وضع الميزانية العامة للدولة متين، حيث من المتوقع أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 18.7 في المائة في عام 2007 إلى 13.5 في المائة في عام 2008، وأن يبلغ مجموع الدين العام (وهو دين محلي بالكامل) 237 مليار ريال سعودي (63.2 مليار ريال) في نهاية عام 2008. بلغ مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي وردت إلى المملكة 24.3 مليار ريال في عام 2007، بزيادة بنسبة 33 في المائة، وبلغت نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الناتج المحلي الإجمالي 6.4 في المائة. وقد سجل القطاع غير النفطي نموا بلغ 4.5 في المائة مقارنة بنسبة 8.0 في المائة للقطاع النفطي في عام 2007.
    ومن المتوقع أن يؤدي كلا من ارتفاع إنتاج النفط مع التنويع الاقتصادي، في ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من ضمن إطار سيناريو تراجع أسعار النفط، وفي حين أنه من المتوقع أن يكون متوسط نقطة تعادل الإيرادات والنفقات في دول مجلس التعاون الخليجي عند سعر 55 دولارا لبرميل النفط، ستحقق السعودية ميزانية متوازنة لعامي 2008 و2009 عند مستوى 50 دولارا للبرميل. والمعلوم أن السعودية قدرت إيراداتها للعام الجاري عند 410 مليارات ريال والإنفاق عند 475 مليار ريال أي بعجز قدره 65 مليار ريال.
    الحساب الجاري
    سجل الحساب الجاري فائضا بلغ 564.8 مليار ريال وميزان التجارة فائضا بلغ 820.2 مليار ريال سعودي في عام 2008، زيادة على العام السابق، وارتفعت نسبة الفائض إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 32.2 في المائة و46.8 في المائة على التوالي. ويعزى هذا التحسن في عام 2008 إلى ارتفاع أسعار النفط ومبادرات التنويع التي أطلقت خلال العام. ومن المتوقع أن يكون مجموع صادرات السلع والخدمات قد ارتفع بنسبة 31.2 في المائة ليصل إلى 1.226 مليار ريال سعودي في عام 2008 مقابل ارتفاع بنسبة 12 في المائة لواردات السلع والخدمات التي بلغت 610 مليارات ريال سعودي خلال العام.
    وعلى خلفية ارتفاع معدلات التضخم، تم رفع متطلبات الاحتياط على مجموع الودائع تحت الطلب من 7 في المائة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 إلى 13 في المائة في أيار (مايو) 2008، ومع أنه تم تخفيض هذه النسبة لاحقا خلال عام 2008، لقد حققت هذه الخطوة النتائج المنشودة. وتراجع معدل نمو العرض النقدي بمفهومه الأوسع M3 من 21.8 في المائة في آب (أغسطس) 2008 إلى 19.4 في المائة في أيلول (سبتمبر) 2008. وعلى أساس شهري، انخفض معدل نمو العرض النقدي بمفهومه الواسع M2 من 2.8 في المائة في تموز (يوليو) إلى 0.2 في المائة تشرين الأول (أكتوبر) 2008، بينما تراجع معدل ارتفاع العرض النقدي بمفهومة الأوسع M3 بنسبة 0.9 في المائة في تموز (يوليو) 2008 إلى 0.4 في المائة في تشرين الأول (أكتوبر) 2008. وضمن إطار الأداء الاقتصادي القوي للمملكة في فترة ارتفاع أسعار النفط، ارتفع معدل التضخم إلى مستويات غير مسبوقة بلغت 11.1 في المائة في تموز (يوليو) 2008. وأسهم ارتفاع بند الإيجارات بشكل كبير في ارتفاع معدل التضخم في عام 2008، إلا أن هيئة النقد العربية السعودية (ساما)، التي تحرص على مراقبة التوجهات التضخمية، بادرت باتخاذ مبادرات عدة ساعدت، إضافة إلى أثر تراجع أسعار السلع، على تحقيق إدارة أفضل للضغوط التضخمية. وعلى هذه الخلفية، يقدر أن يبلغ معدل التضخم 9.2 في المائة لعام 2008.
    على الرغم من انخفاض أسعار النفط خلال الأشهر القليلة الماضية، علما بأن الإيرادات النفطية تشكل أكثر من 85 في المائة من الإيرادات الحكومية، فقد أبرزت الميزانية العامة للمملكة استمرار التزام الحكومة بالتركيز على تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة وحرصها على إعطاء الأولوية للمشاريع التي تضمن التطوير الدائم والمتوازن وخلق فرص عمل جديدة. ومع أن الميزانية تتوقع تحقيق إيرادات بقيمة 410 مليارات ريال في عام 2009، وهو رقم يقلّ بنسبة 8.9 في المائة عما كان عليه في ميزانية عام 2008 والبالغ 450 مليار ريال، يلاحظ أن الميزانية تتوقع ارتفاعا بنسبة 15.9 في المائة في الإيرادات من 410 مليارات ريال سعودي في عام 2008 إلى 475 مليار ريال في عام 2009، وهذا يعني عجزا بنسبة 65 مليار ريال لعام 2009 مقارنة بفائض بنسبة 40 مليار ريال في عام 2008. تعكس تقديرات الميزانية انعكاسات تباطؤ الاقتصاد العالمي على اقتصاد المملكة، وهي أكبر مصدّر للنفط في العالم وأكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن ما صدر عن المسؤولين السعوديين من تصريحات بالتوجه نحو زيادة الإنفاق، وافتراض أن تكون السعودية قد عززت احتياطياتها المالية بشكل كبير نتيجة لارتفاع أسعار النفط في الفترة الأخيرة، يعززان الثقة بقدرة الاقتصاد السعودي على ما قد تتعرض له من ضغوط سلبية ناشئة عن تباطؤ الاقتصاد العالمي.
    يلاحظ أن السعودية، شأنها في ذلك شأن الدول النفطية العربية الأخرى، قد عمدت تقليديا على انتهاج سياسة متحفظة وبناء ميزانياتها العامة على أساس أسعار أدنى للنفط. ومع أن التباطؤ الاقتصادي في جميع دول العالم لا يرسم صورة مستقبلية مشرقة لأسعار النفط، إلا أننا نعتقد أن من المرجح أن النتيجة لعام 2009 لن تكون عجزا حسب التوقعات الأولية، بل إن من المحتمل أيضا أن تكون النتيجة النهائية فائضا في الميزانية.
    على أساس المعطيات الاقتصادية الأساسية المتينة للمملكة وتوقعاتنا الاقتصادية لعام 2009، وعلى الرغم من اعتقادنا بأن السنة المقبلة ستشهد تراجعا لقوة دفع الاقتصاد السعودي، في رأينا أن الميزانية العامة للسعودية ستسجل فائضا. إضافة إلى الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة والتزامها بالاستمرار في تطبيق السياسات التي انتهجتها على مدى الأعوام القليلة الماضية، إن هناك عوامل عدة، ومنها تباطؤ الضغوط التضخمية وانخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ووجود نظام مصرفي متين وطلب استهلاكي محلي قوي، تسهّل استمرار تطبيق خطط التنمية الاقتصادية للمملكة. وبالنسبة للمستقبل، قمنا برسم ثلاثة سيناريوهات مختلفة للتمويل الحكومي للعام المالي 2009.
    سيناريوهات الميزانية
    وبالتالي، وعلى أساس توقعاتنا، يمكن أن تسجل ميزانية المملكة عجزا بقيمة 2.3 مليار ريال في السيناريو الأسوأ، وقد تحقق فائضا يراوح ما بين 79.5 مليار ريال سعودي و218.7 مليار ريال سعودي في السيناريو الأفضل. ومن هذه النتائج، وعلى الرغم من ثقتنا بقدرة السعودية على تحقيق أهداف النمو الاقتصادي لعام 2009، من المؤكد أن الاقتصاد السعودي سيتباطأ ويتراجع عن المستويات التي شهدها في العام الماضي.
     

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية